Tuesday, November 1, 2011

!يو نو لايك "غلبانين"

 قالها لي أحد المصريين الأمريكان الذي جاء إلي أمريكا و هو بعمر السنة و هو حقيقةً لا يطلق عليه مصري بالمعني المعروف. كان يحدثني عن زيارته لمصر و انطباعه عن أهلها و أنه قرر ألا يزورها أبداً في حياته مرة أخري معبراً: "إيجيبت، نيفر آجين." كان الحديث ضاحك بالقصص التي يحكيها عن زيارته و لهجته المصرية المتهتكة و اللزمات الأمريكة المتكررة في كلامه. و من أكثر ما أضحكني كلمته التي تقرأها بالأعلي، "الناس في مصر.. يو نو لايك غلبانين." أنا، إلي الآن، لا أفهم ماذا قصد بغلبانين. هل غلبانين بمعني فقراء؟ أم غلبانين بمعني راضيين سلبيين و ساكتين عن حقوقهم؟ أم غلبانين بمعني طيبين؟و لماذا أشغل فكري، كل المعاني تحمل فكرة سيئة عن مصر و عننا، احنا شعبها.

طالما فكرت في طريقة تفكير هؤلاء المهاجرين عن مصر و طالما توصلت لحل يرضي غروري كمصرية معتزة بمصريتها، أنهم يعيبون في مصر ليجدوا مبرر قوي لخروجهم منها و إقامتهم في أي مكان آخر. يعتبرون أنهم هم الأذكياء أو ربما المحظوظون الوحيدون علي أرض مصر الذين تسنت لهم فرصة الفرار منها و لا يجدون حرج في البصق في طبق أكلوا منه قبلاً علي رجاء موقن أنهم لن يأكلوا منه ثانية.
لا أعلم إن كانت هذه نظرة قاسية أو أحادية التفكير، فأنا لم أختبر ظروف غير محتملة في مصر، قد يكونوا هم اختبروها. و لكني أتحدث عن حالة عامة، عن فكرة، عن منظور ينتشر و يتطور إلي نظرية لا تقبل الشك عند كثيرين.
سألتني واحدة من المقيمين في أمريكا أيضاً ماذا أفتقد من مصر البلد، بغض النظر عن أهلي و أصدقائي، سكت قليلاً و فكرت ملياً و لم أستطع الإجابة! لم أجد ما أقوله و لكني كنت أعلم أني أفتقد مصر "البلد" مصر "المكان" مش بس مصر "الناس"، و لكن ماذا أفتقد تحديداً؟ لا أعلم. أحزنني أني لم أستطع الإجابة، فشلت في أول إمتحان لوطنيتي، و بدأت أفكر من منظورهم، فقد يكونوا هم الصائبين و أنا المخطئة!
و لكن لا، أنا لا أصدق أن الصراع بداخلهم أو بداخلي قد يحسم بهذه السهولة، الصراع يبدأ مع أول تنفس للحرية في بلد غريب، مع أول احساس بالآدمية من ناس مختلفة تماماً عنك في كل النواحي، مع أول نسمة هوا نضيفة تخش صدرك و أول مرتب تقبضه و تعرف تعيش بيه...الحياة في الغربة مش سهلة،  بس أنتِ يا مصر صعبتي الأمور علينا أكتر...
يبدأ الصراع حينها و لا ينتهي، بمعني آخر، لا أنت عايز ترجع و لا أنت عايز تقعد! علقت في المنتصف، رقصت علي السلم، وصلت لحالة من الحنين غير المنقطع و عدم الرضا و السعي نحو المادة طوال الوقت..مبروك!
أعود و أؤكد، كل آرائي شخصية و مستمدة من الملاحظة و التفكير التحليلي بعدها! قد أصيب و قد أخطئ. و خلاصة القول، و الله هتسافر و أنت بتكره مصر و شايف كل أهلها غلبانين و ساكتين، سافر لأن كده كده مش هتعملها حاجة و أنت فيها و مش طايقها، لكن لو بتحبها...فكر مرة تانية...

هغمض عيني و هاقول صلواتي و هاحط راسي عال مخدة
و هاحلم اني بتكلم عربي  و مانيش مكسوفة و لا خجلانة
و أني هجيب صناعة مصرية أحضر بيه فرح فلانة
و أني بركب أتوبيس عام و الاقي مكان و كمان تكييف
و أروح شغلي في مكتب واسع وكمان مريح و كمان نضيف
و اجيب اخبار مفيهاش أنصاف حقيقة مفهاش تزييف
و ماشفش في الأخبار كل يوم كام  واحد يموت
اللي اتعذب و اللي اتدهس و اللي طق من السكوت
و اللي طفش و اللي قفش و اللي عام علي دم أخوه
و اللي اتعود واللي يزود هم بهم غباء طلقوه
هحلم إن هيجي العيد و أنا مش خايفة و مستنية
و اني هجيب لجيراني و أهلي شجرة و شمعة بريحة هدية
و هستقبل فاطمة و لميس و معايدة من الشغل بتاعي
و هقبل فرحة و تهييس من غير ما لدمعتي أداري
هحلم ان فيها هتجوز فيها هخلف و هاربي عيالي
و مش هخاف عليهم يموتوا و لا ميلاقوش مكان
مش هخاف يقولوا مصر فين بتاعت زمان
هاحلم أن ليا قيمة و ليا ثمن و هوية و كيان
و اقول الحقيقة و متاخدش في نص الليل شدة ودان
هاحلم أني سعيدة فخورة و بيجي بلدي يتعلم ..الأمريكان
هاحلم بحقوقي هحلم بطموحي هحلم ببلدي أحلي مكان..