Wednesday, May 1, 2013

عن فتى أحلامي..


و أحنا صغيرين في قعدات البنات (لاحظ هنا اننا كنا غلابي و كل قعداتنا بنات بس أساساً و لا فيه فيس بوك و لا واتس آب و لا ديالوا)، المهم إنه في القعدات دي و اللي كانت بتعتبر التحرر اللانهائي من أصول و قواعد الأدب و الذوق و البنات الكويسة بالنسبة لنا، كنا دايماً نسأل سؤال و كلنا نجاوب عليه "ايه مواصفات فتى أحلامك؟"

أيوة، ده كان سؤال حقيقي بنتبارز في أفضل و أصيع إجابة عليه..."أهم حاجة يكون بيعرف ربنا" "عايزاه غني يعيشني في مستوى حلو" "أسمر و بشعر خشن" "يا ريت لو عينيه ملونة"، و غيرها من الصفات الجسدية و صفات الشخصية و المركز الاجتماعي، إلى آخره..

بالرغم من سذاجة السؤال ده حالياً، و أننا فهمنا أنه مفيش حاجة اسمها مواصفات فتى أحلامك و أنها لمواخذة "لكشة" على بعضيها فيها كتير صفات مش حلوة، و أنها مش مسألة صفات، و أن اللذيذ بيقعد مع اللذيذ اللي زيه، و أنه في الآخر سبحان الله ممكن تحب حد ملوش أي علاقة بالصفات اللي كنت متخيلها في شريك حياتك..المهم بالرغم من كل ده، أنا لسه عندي تخيل معين، لسه فيه في دماغي شكل معين للشخص اللي هكمل معاه حياتي و اللي هيملا مكان متساب فاضي بس عشانه 
هو..لما يشرف!

يمكن تكون الصفات اللي في دماغي و دماغ بنات كتير مرتبطة باللي سوقه الإعلام...دماغ أفلام يعني، لكن بما أن الأحلام و الكلام و الافلام مش بفلوس، فأنا قررت أشارك "تخيلاتي"، و هي مش صفات (زي ما كانت زمان أيام قعدات البنات) لكنها مرتبطة أكتر بأسلوبه في التعامل معايا...

نفسي يبصلي جامد في عنيا و يبتسم لما يشوفني، و لما أوقع حاجة أو أقع أنا شخصياً يمسك ايدي و يقولي "أنتي كويسة؟"، نفسي يحس بتقلبات مزاجي و يحترمها، و لما أفرح أحس بفرحته و هو بيسأل "مبسوطة؟"، نفسي يمسك ايدي جامد و أنا خايفة و أسمع دقات قلبه و هو بيهديني زي ما أمي بتعمل معايا، نفسي لما أكون متوترة يقولي متخافيش من قبل ما أتكلم، نفسي ميتوقعش مني القوة في أوقات الضعف و في نفس الوقت يديني استقلاليتي و احترامي، نفسي يحتويني و يكبرني، نفسي يشجعني إني أكون حقيقية مع نفسي و معاه و مع ربنا، نفسي يزقني في الطريق الصح، و يكون هو مرشدي و أبويا الروحي، نفسي يكون غيور و دمه حامي، و محترم...

ملاحظاتي أنا الشخصية، أن القوالب سيطرت على الناس، ماهو يا إما جدعة و قوية و مش محتاجة حد جنبها، يا ضعيفة و سهلة و معتمدة...يا إما راجل و جدع و ابن بلد، يا إما شيك و ابن ناس (و غالباً ابن ماما برده)..يعني مينفعش الاتنين؟ مينفعش نبقى طبيعين؟ أقوياء في وقت و ضعفاء في وقت؟ مستقلين لكن محتاجين حد جنبنا؟ (و ده يمشي على الطرفين)..

من زمان خلصت قعدات البنات و التخيلات ما وراء الطبيعة للمنقذ اللي هيجي يخلي الحياة بمبي بمبي، بس لسه فيه تخيلات العلاقة "الحقيقية" اللي فيها حب واعي لم يصل لمستوى التطفل و كسر الحدود و لم يقف عند مرحلة السطحيات و المظاهر...

و بالرغم من كون فكرة "فتى الأحلام" مضحكة بالنسبة لي في الفترة الراهنة، و بالرغم من التغييرات اللي طرأت عليها و بلورتها، هي مترسخة في دماغي من أيام...قعدات البنات..

عن نجاح الآخر "المؤذي"...


هل تعتبر نفسك ناجحاً؟ ناجحاً في دراستك أو عملك أو حياتك الاجتماعية؟ نعم..لا؟ كيف فكرت فيها؟ هل أخرجت الإجابة المحفوظة من عقلك اللاواعي (سواء بالسلب أو الإيجاب)؟ هل فكرت أنك أحسن من فلان أو فلانة؟ قارنت نفسك بمن حولك؟ أهلاً بك في نادي المعذبين..

المقارنة..أسلوب حياة نتعلمه و نعيشه و يترسخ في أذهاننا على أنه أسلوب الحياة الأمثل، أو ربما الأوحد للوصول للنجاح..أنت دائماَ أفضل حالاً ممن حولك، أو أسوأ حالاً منهم، أجمل منهم، أو أقبح..أذكى أو أغبى، قادراً مثلهم، أو عاجز عن تقليدهم، أنت دائماً "شرطة" في "مسطرة الناس"، كل صفاتك تأخذ معنى بالقياس مع تصرفات الآخرين...

اعتبر نفسي من ضحايا المقارنة، ذلك الأسلوب النفسي العقيم الذي يجردك من تفردك و كينونتك، و يقتصرك في شئ تفعله، أو تقوله، أو تلبسه، أو تظهره...يتفه من إنسانيتك الغالية جداً فتصبح فعلاً رقم أو واحد من ضمن ناس كتير..

تربينا على المقارنة فأصبحنا "نقارن لا إرادياً"، فالتسعة و عشرين من ثلاثين لا تعني شيئاً طالما هناك من تعداك إلي الثلاثين، الصديق الواحد لا يعني شيئاً طالما هناك من يمشي بصحبة الكثيرين... تربينا أنه دائماً ما ينقصك "شيئاً معيناً" في طريقك المزيف نحو الكمال الذي لا يدرك..
"أنا" دائماً تحت الاختبار، في تقييم نفسي مع كل من حولي، نجاح الآخر يؤذيني و يهزني إذ أتضاءل أمام نفسي التي "قصرت" فخانتني و خذلتني و سمحت لغيري أن يتفوق عليا في هذه اللحظة المعينة التي تمت فيها المقارنة...

الحقيقة أني مع مرور الوقت، نوصلت أن النجاح المجرد الدائم شئ غير منطقي و غير حقيقي، و أن السعادة و اللذة الكاملة هي وهم و سراب، ما تلبث أن تلمسه حتى يختفي من أمامك، كما قال سليمان الذي أدرك قمة الغنى و الحكمة و اللذة البشرية الممكنة، كل الكلام قاصر، كل المتعة قاصرة، مهما وصلت و مهما عملت، مستحيل تمسك كل خيوط الدنيا بإيدك..مستحيل..لازم هتفلت حاجة في وقت من الأوقات، و بما إنه مستحيل، و بما إنه لازم يبقى فيه اللي متفوق عليك أو أقل منك في كل مرحلة من حياتك..توصلت (نظرياً فقط، و لم تدخل حتي الآن في اللاوعي) أنه "مش مهم"! مش مهم مين نجح و مين أحسن مني، مس مهم أعمل كل حاجة في الدنيا، مش مهم أبقى أنجح واحدة في الدنيا، أو في اللي حواليا، مش مهم حتى أبقي أسعد واحدة، أو "أبان" أسعد واحدة، مش مهم...

أو بمعنى آخر "مش مستاهلة"، مش مستاهلة أعيش معذبة مين عمل ايه و أنا معملتش، و مين وصل ليه و أنا موصلتش، و مين عنده و أنا معنديش... مش مستاهلة أعيش في حياة "رتمها سريع" عشان بحاول أوصل لكل حاجة و أي حاجة..

أنا مش أي نجاح بنجحه أو مش بنجحه، أنا مش شكلي و لا لبسي، أنا مش اني خادمة، أو في الكلية الفلانية أو الشغل الفلاني، أنا مش صاحبة مين، أنا أهم من كده، أنا فوق الطبيعة، انا مميزة جداً، أنا "متشرحش" في كام كلمة و شغلانة و نجاحين و جايزة، متشرحش في سيرة ذاتية من اللي اتعلمته و عملته، و لا نعي في مين أهلي...أنا غالية حتى لو لوحدي على الكون ده و مفيش حد أقارن نفسي بيه..

أكسر قيدك، اتحرر من المقارنة، أنت جميل..مش ده كفاية؟ و لا لازم تبقى أجمل من؟ لكل اللي لسه بيربوا ولادهم نفسي أقولكم طلعوهم أسوياء، علموهم يبصوا على الكنز اللي جوه...
و يظل الكلام قاصر...

جالك أوان ووقفت موقف وجـــود 
يا تجود بده يا قلبي يا بده تجــــود 
ما حد يقدر يبقي علي كل شــــئ 
مع إن – عجبي – كل شئ موجود 
صلاح جاهين