Wednesday, May 1, 2013

عن نجاح الآخر "المؤذي"...


هل تعتبر نفسك ناجحاً؟ ناجحاً في دراستك أو عملك أو حياتك الاجتماعية؟ نعم..لا؟ كيف فكرت فيها؟ هل أخرجت الإجابة المحفوظة من عقلك اللاواعي (سواء بالسلب أو الإيجاب)؟ هل فكرت أنك أحسن من فلان أو فلانة؟ قارنت نفسك بمن حولك؟ أهلاً بك في نادي المعذبين..

المقارنة..أسلوب حياة نتعلمه و نعيشه و يترسخ في أذهاننا على أنه أسلوب الحياة الأمثل، أو ربما الأوحد للوصول للنجاح..أنت دائماَ أفضل حالاً ممن حولك، أو أسوأ حالاً منهم، أجمل منهم، أو أقبح..أذكى أو أغبى، قادراً مثلهم، أو عاجز عن تقليدهم، أنت دائماً "شرطة" في "مسطرة الناس"، كل صفاتك تأخذ معنى بالقياس مع تصرفات الآخرين...

اعتبر نفسي من ضحايا المقارنة، ذلك الأسلوب النفسي العقيم الذي يجردك من تفردك و كينونتك، و يقتصرك في شئ تفعله، أو تقوله، أو تلبسه، أو تظهره...يتفه من إنسانيتك الغالية جداً فتصبح فعلاً رقم أو واحد من ضمن ناس كتير..

تربينا على المقارنة فأصبحنا "نقارن لا إرادياً"، فالتسعة و عشرين من ثلاثين لا تعني شيئاً طالما هناك من تعداك إلي الثلاثين، الصديق الواحد لا يعني شيئاً طالما هناك من يمشي بصحبة الكثيرين... تربينا أنه دائماً ما ينقصك "شيئاً معيناً" في طريقك المزيف نحو الكمال الذي لا يدرك..
"أنا" دائماً تحت الاختبار، في تقييم نفسي مع كل من حولي، نجاح الآخر يؤذيني و يهزني إذ أتضاءل أمام نفسي التي "قصرت" فخانتني و خذلتني و سمحت لغيري أن يتفوق عليا في هذه اللحظة المعينة التي تمت فيها المقارنة...

الحقيقة أني مع مرور الوقت، نوصلت أن النجاح المجرد الدائم شئ غير منطقي و غير حقيقي، و أن السعادة و اللذة الكاملة هي وهم و سراب، ما تلبث أن تلمسه حتى يختفي من أمامك، كما قال سليمان الذي أدرك قمة الغنى و الحكمة و اللذة البشرية الممكنة، كل الكلام قاصر، كل المتعة قاصرة، مهما وصلت و مهما عملت، مستحيل تمسك كل خيوط الدنيا بإيدك..مستحيل..لازم هتفلت حاجة في وقت من الأوقات، و بما إنه مستحيل، و بما إنه لازم يبقى فيه اللي متفوق عليك أو أقل منك في كل مرحلة من حياتك..توصلت (نظرياً فقط، و لم تدخل حتي الآن في اللاوعي) أنه "مش مهم"! مش مهم مين نجح و مين أحسن مني، مس مهم أعمل كل حاجة في الدنيا، مش مهم أبقى أنجح واحدة في الدنيا، أو في اللي حواليا، مش مهم حتى أبقي أسعد واحدة، أو "أبان" أسعد واحدة، مش مهم...

أو بمعنى آخر "مش مستاهلة"، مش مستاهلة أعيش معذبة مين عمل ايه و أنا معملتش، و مين وصل ليه و أنا موصلتش، و مين عنده و أنا معنديش... مش مستاهلة أعيش في حياة "رتمها سريع" عشان بحاول أوصل لكل حاجة و أي حاجة..

أنا مش أي نجاح بنجحه أو مش بنجحه، أنا مش شكلي و لا لبسي، أنا مش اني خادمة، أو في الكلية الفلانية أو الشغل الفلاني، أنا مش صاحبة مين، أنا أهم من كده، أنا فوق الطبيعة، انا مميزة جداً، أنا "متشرحش" في كام كلمة و شغلانة و نجاحين و جايزة، متشرحش في سيرة ذاتية من اللي اتعلمته و عملته، و لا نعي في مين أهلي...أنا غالية حتى لو لوحدي على الكون ده و مفيش حد أقارن نفسي بيه..

أكسر قيدك، اتحرر من المقارنة، أنت جميل..مش ده كفاية؟ و لا لازم تبقى أجمل من؟ لكل اللي لسه بيربوا ولادهم نفسي أقولكم طلعوهم أسوياء، علموهم يبصوا على الكنز اللي جوه...
و يظل الكلام قاصر...

جالك أوان ووقفت موقف وجـــود 
يا تجود بده يا قلبي يا بده تجــــود 
ما حد يقدر يبقي علي كل شــــئ 
مع إن – عجبي – كل شئ موجود 
صلاح جاهين

No comments:

Post a Comment