Tuesday, June 21, 2011

علي باب السفارة

هو حلم راود الكثيرين، حلم السعادة و المال و الوطن الثاني...العشرات و العشرات منتظرين في طابور طويل غير متأففين و لا شاكين، علي غير العادة، ينتظرون دورهم في دخول السفارة، سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة.
أسرة بسيطة الحال، علي ما يبدو أنها ستعاني لجمع مصاريف السفر، الرجل جالس في بذلته، التي بالتأكيد اختارها بعناية شديدة كي ما ينول الرضا و القبول، جالساً يقرأ كتاب معجزات لأحد القديسين، و المرأة جالسة تحملق في اللاشيء حاملة "كيس بلاستيك" و مناديل في اليد الأخري و الابن مراهق بدأ يتململ من كثرة الجلوس. عائلة من العائلات التي تجلس علي باب السفارة حيث الأمل و باب الجنة بالنسبة لهم.
منقبة و تحمل طفلاً صغيراً، تسأل الموظف إن كان يمكن أن تجلس هنا فيكلمها بلهجة تؤكد أنه لا مكان لها هنا و أن عليها أن تجلس بالخارج.
رجل قد ترك لحيته طويلة و يبدو عليه أنه لا يبالي بالنظرة التي قد يحصل عليها بسبب هذه اللحية و أنه قد لا يُقبَل بسبب الشك في كل من يطيل لحيته، حاملاً سجادة الصلاة و يبحث عن مكان ليؤدي الفرض.
أسرة أخري، بحال جيدة هذه المرة، الرجل تعدي السن التي قد يبدأ فيها حياته في بلد آخر، متوتر بورق كثير و مستندات هي في رأيه أهم من حياته شخصياً، الابنة مراهقة تعبث في البلاك بيري و المرأة تبدو و كأن لا رأي لها فيما يحدث، في تجرب حظها، قد تأتي الهجرة فتفتح باب الأمل في حياة بلا سلفيين، بلا غياب أمني، بلا بلطجية، بلا تعصب و ضغط ديني و غيرها من أمنيات الحياة في الجنة، أمريكا.
رجل كبير في السن، في أواخر الخمسينات من عمره، لا يبدو عليه أنه يعرف اللغة الإنجليزية، متأفف و لا يطيق الانتظار و يري أنه منتظر و مُهمَل لأنه "مصري". ظل يردد أنه لا يريد أن يذهب إلي أمريكا و هو لا يعلم أن السفارة ليست مكاناً للشئون الاجتماعية و النفسية، هي "سفارة" يأتيها من يريد أن "يسافر" و لا شأن لهم ما إذا كان هذا السفر برغبة منه أم لا.
العشرات و العشرات، باختلاف المستويات و الأعمار يأتون بحلم، هو حلم، مجرد حلم، تغذيه الخيالات و آراء المحيطين و "عقدة الخواجة". حلم العيشة الكريمة أو الكسب السريع او نسيان الهوية و فقدانها- و هو حلم لكثيرين ممن يخزون من هويتهم المصرية العربية.حلم يصحون منه هناك و يقررون أن يظلوا نائمين حتي يكملوا ما بدأوه أو لا يستيقظون أبداً و يرون أنهم فروا بأنفسهم هاربين من جحيم محقق.
أقول لكل هؤلاء رد قاله لي صديق حكيم: " الجحيم الذي تعرفه خير من الجحيم الذي لا تعرفه"
لا توجد قارة للسعادة أو بلد للسعادة، السعادة في داخلك، لا تتذلل و لا تتوتر و لا تكتئب لأن السعادة ليست علي باب السفارة...

No comments:

Post a Comment